المقالات

الحرب بالكلمات وبالعلامات(عبد العلي الودغيري)

الحرب خُدعة. ولإسرائيل في جميع حروبها التي عشناها منذ 67، سلسلة غير متناهية من الخُدَع اللغوية والسيميولوجية التي تشوّه الحقائق وتزيّف الوقائع، فضلاً عن بقية الخُدَع العسكرية والإعلامية. فمقاومة الاحتلال في معجمها السياسي والإعلامي والدعائي: إرهاب. والمدافعون عن حقهم الطبيعي في وجودهم وأرضهم ومعابدهم وهويتهم دواعشُ ومتطرّفون وأصوليون وجهاديون وإخوان مسلمون. والمُناهِضون للغطرسة الصهيونية أينما وُجِدوا في العالَم مُعادون للسامية. مناقشة أسطورة (المَحرَقة) وغيرها من الأساطير المؤسسة للصهيونية في حد ذاتها معاداةٌ للسامية. لفظُ (السامي أو السامية) نفسه محتكَر عند الحركة الصهيونية. فلا أحد من أمم الأرض يحق له ادعاء الانتساب إلى السامية.

هم وحدهم الأمة السامية. الكيان الذي اغتصب أرضَ غيره بالمكر والدسائس، وطرَد أهلَها وهجَّرَهم وشرَّدهم وهدَّم عليهم بيوتَهم ومنَعهم من ممارسة شعائرهم الدينية ومارسَ ضدهم نظامًا عنصريّا غيرَ مسبوق في التاريخ، وأقام هياكله على أساس ديني وعِرقي خارقٍ لكل مألوف بين كيانات العالَم، هو ذاتُه الذي يُجهد نفسَه في إقناع العالَم أجمع بأنه الدولة الديموقراطية والعَلمانية الوحيدة في المنطقة. والثعلب الماكر الذي يقضي ليله ونهارَه في حَبْك الحيَل ونَصب الشِّباك، هو نفسُه الذي يَخرج للناس في صورة زاهدٍ متلفِّع بأطمار الدراويش. والذئبُ المفترِس الذي يغرس أنيابَه في أطفال فلسطين ونسائها ويمتص دماءهم بلا ذنب ولا رحمة، يقدِّم نفسه للرأي العام العالَمي في صورة الحَمَل الضعيف ليستدرُّ شفقة أسود الغابة، ويستجدي العونَ والحماية من أمريكا وروسيا وقُوى الغرب العُظمى.والمتسلّط الهمجي المدجَّج بكل أسلحة الدمار النارية والبيولوجية والغازية والنووية الكافية لإفناء كل من حوله ومحو وجودهم وإحراق الضرع والزرع، هو ذاتُه الذي يرفع عقيرته أمام المحافل الدولية ليشكو ظلمَ أطفالِ صغار يرشقونه بالحجارة أو يقذفونه بمقاليع الدُّوم.

كل جملة أو كلمة أو صورة أو علامة تستعملها آلةُ الدعاية الإسرائيلية في حالتي الحرب والسلم، فهي في المعنى عكس ما في اللفظ والرسم والوَسْم. لا أحد يمكن أن يجاري إسرائيل في صناعة الخداع والكذب والغش والتزييف والمناورة واللّف والدوران. حتى تاريخ فلسطين سرقوه وزيَّفوا حقائقَه، وأعادوا تعليبه وتصديره للعالَم وكتبوا عليه: «صُنِع في إسرائيل» كل شعارات إسرائيل يلخصها شعار واحد: اكذِبْ واكذِبْ، حتى يصدّقك مَن يكذب ومن لا يكذب. وبالجملة: كلّ ما خطر من الحَسَنات في بالِك، فإسرائيل على الضدّ من ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق