المقالات

الاستشراف الاستراتيجي: تنوير الفعل في الحاضر بأنوار مُحَرِّكات التغيير في المستقبل(إدريس أوهلال)

يبدأ الاستشراف برصد العلامات الضعيفة.. الدرس الأول للاستشراف: من لا قدرة له على رصد العلامات الضعيفة لا مستقبل له.لكن ما كل علامة ضعيفة اليوم ستصنع المستقبل غذا، لذلك نحتاج إلى رصد نوع خاص من العلامات الضعيفة تسمى “بذور التغيير”، وهي عوامل تغيير يصعب رصدها اليوم لأنها علامات ضعيفة، لكن ستشكل الموجات الغالبة غذا.. الدرس الثاني للاستشراف: لفهم التغيير علينا تركيز الرصد على بذور التغيير.ولأن بذور التغيير تتطور لتصبح علامات قوية تصنع موجات التغيير ومحركاته نحتاج ثالثا إلى مراقبة تطورها.. الدرس الثالث للاستشراف: راقب تطور بذور التغيير. وعندما تبلغ بذور التغيير نضجها تتشكل في طور جديد يسمى موجات التغيير أو محركاته وهي تيار تغيير مستمر يجري في نفس الاتجاه يطال ظاهرة بالشكل الذي يسمح بتوقع تطورها عبر الزمن.. الدرس الرابع للاستشراف: لاستشراف المستقبل علينا حصر محركات التغيير الأكثر أهمية وتركيز الاهتمام عليها في عمليتي التخطيط الاستراتيجي وصناعة القرارات الاستراتيجية.هذا هو الاستشراف الاستراتيجي.. دليلنا إلى تنوير الفعل في الحاضر بأنوار مُحرّكات التغيير في المستقبل.. ويمكن تبسيطه باختصاره في ست قواعد:

1- اُرْصُد العلامات الضعيفة.

2- مَيِّز في العلامات الضعيفة بذور التغيير.

3- راقب تطور بذور التغيير إلى محركات للتغيير.

4- اِحصر محركات التغيير الأكثر أهمية.

5- قم ببناء سيناريوهات المستقبل انطلاقاً من محركات التغيير وحالات كل محرك.

6- خطط للمستقبل انطلاقا من هذه السيناريوهات.

في 2013 قام آل غور بهذا التمرين في كتابه: المستقبل.. ستة محركات للتغيير العالمي، وكانت حصيلة هذا التمرين كالآتي:

– المُحَرِّك الأول: ترابط الاقتصاد العالمي. حق هذا المحرك في أعمالك ومشاريعك هو أن تبحث عن فرص للتطور على المستوى العالمي لأن الفرص المحلية أفقها محدود، وأن تنافس على المستوى العالمي لأن المنافسة المحلية لا مستقبل لها، وأن تواجه على المستوى العالمي لأن اللاعبين المحليين مجرد وكلاء.

– المُحَرِّك الثاني: شبكة اتصالات الكترونية على صعيد الكوكب وأجهزة ذكية. لم يخطر ببال آل غور أن هذا المحرك سيحتل الرتبة الأولى لا الثانية، وسيبلغ مداه مع تكنولوجيات القطيعة. إذا لم تنجح في ركوب موجة تكنولوجيات القطيعة فأنت خارج اللعبة.

– المُحَرِّك الثالث: توازن جديد في القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية في العالم، وانحدار الديمقراطية واختلال وظائف الحكم في المجتمع الدولي. أما التوازن الجديد فلا زلنا ننتظره، وأما الديمقراطية فقد اختلت فعلا وعلينا البحث عن المحرك الجديد للتغيير الذي حلّ محلّها والتعاطي معه بذكاء في صناعة القرار.

– المُحَرِّك الرابع: النمو السريع غير المستدام. بالفعل كان هناك نمو سريع بعد 2013 لكن تحول بعد سنوات الى انكماش ينذر بكساد. هذه مشكلة النمو السريع غير المستدام. مع هذا المحرك بصيغته المعدّلة بإصدار 2020 لا يبدو المستقبل القريب ورديا.. تعال قل للبذرة في 2020 أن تصدق أن هناك شجرة ضخمة مخبأة بداخلها…!! طبعا لن تصدقك.. إن ما تبحث عنه لم يعد له وجود بداخلك لأن الرأسمالية العالمية المتوحشة سرقته منك، وعليك أن تسترده.

– المُحَرِّك الخامس: ثورة في البيولوجيا والكيمياء الحيوية والجينية وعلوم المواد. أطلق العنان لخيالك لتُدرك هول ما ينتظرك! ورغم ذلك عليك ألا تتوقف، لأنك إذا توقفت فستموت.. تابع رحلتك، وكُن هادئا وصبورا وراقب بحذر وحاول أن تُبدع لتحقق شيئا كبيرا لذاتك الفردية وللذات الجماعية.. إنه زمن الإبداع من أجل البقاء.

– المُحَرِّك السادس: تدهور النظم الايكولوجية للأرض. متدهورة أصلا عندنا‫، لكن إدارة ذكية ومستدامة ‬للنظم الايكولوجية‫ ستكون مُحرّكا أساسيا للتغيير في المرحلة المقبلة.‬لا يصح التخطيط للمستقبل بدون استشرافه، لأن الرؤية مجرد مستقبل مرغوب يحتاج إلى تسديده وتقريبه بالمستقبلات المحتملة والممكنة!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق