المقالات

الهوية واللغة في مواجهة المد الفرنكفوني وإعصار العولمة(إبراهيم القادري بوتشيش)_1_

(( إعلم  أن لغات أهل الأمصار إنما تكون بلسان الأمة أو الجيل الغالبين عليها )).

ابن خلدون ، كتاب المقدمة ، ص379

         مع بداية الألفية الثالثة ، ارتفع إيقاع اختراق الهوية العربية ومحاولات طمس ثوابتها ، تحت تأثير ثلاث معطيات تتمثل أساسا في تصاعد منحنى هيمنة التيار الفرنكفوني ، وزحف شبح العولمة الذي أعلن – بالواضح والمضمر – عن مشروع اقتلاع جذور الهويات الوطنية ، ناهيك عن مساهمة المجتمع العربي نفسه في خلق بيئة قابلة لاختراق هويته عن طريق تهميش اللغة العربية التي تعد من المكونات الأساسية  للهوية العربية ، وهو ما تسعى هذه الدراسة إلى وضع الأصبع عليه ، متخذة من المغرب العربي حقلا لكشف هذا الواقع اللغوي الذي ينطق باختراق واضح للهوية المغاربية، وهو ما يعكسه تمطيط دائرة استعمال اللغة الفرنسية في الإدارة والمعاملات والبحث العلمي ، مقابل تقلص واضح في مساحة استخدام اللغة العربية.

أولا : اللغة كمنتج أساسي للهوية :

لا مراء في أن الهوية تتشكل من مجموعة من المكونات ، أهمها المكون الديني واللغوي والجغرافي ووحدة القيم والشعور المشترك ، إلا أننا سنركز على اللغة باعتبارها المكون الأساسي الذي قد تحدث أي اختراقات في عمقه ضربا لنسيج وحدة الهوية القومية .

وبالنظر إلى أهمية اللغة في تشكيل هوية المغرب العربي خاصة ، فسنعرض في هذه الدراسة إلى عدد من الرؤى الفكرية التي تقيم الحجة على العلاقة الوثيقة بين الهوية واللغة ، والدور التحصيني والحمائي الذي تقوم به اللغة للحفاظ على الهوية .

فاللغة – أي لغة كانت – ليست أداة للتواصل فحسب ، بل هي تعبير عن الوجود وعن إثبات الذات ، وتمتلك مسافة تتجاوز البحث المجرد بالمفردات اللغوية وتراكيبها ، لتصل إلى مساحة الهوية القومية [1] .

ولا غرو فثمة إجماع بين المفكرين السوسيو- لسانيين على أن اللغة تحقق للفرد هيكلة وجوده الاجتماعي ، وتدرجه في عملية مزدوجة حيث يعترف له بهويته كعضو داخل المجتمع من جهة ، وهو بذلك يحصل على اعتراف اجتماعي يحقق له كينونته من جهة أخرى . فاللغة ليست أداة تصلح للتواصل فحسب ، بل أيضا ((تصلح للوجود )) على حد تعبير جاك بيرك [2] . لذلك ربط ” شبرنجر” بين وجود الأمة واللغة ، فأكد أن (( الأمة هي جمع من الناس يفكرون ويتكلمون على نحو واحد )) [3]. وعلى منواله تساءل ” باور” عن ماهية وجود الأمة فخلص إلى القول أن (( أية أمة ليست ممكنة الوجود بدون لغة مشتركة )) [4] ، مما يقيم الدليل على أهمية اللغة في  تأثيث معمار الهوية الحضارية. وفي المنحى ذاته  خلص العالم اللغوي ” فرديناند دوسوسور” من خلال دراساته الرصينة إلى أن اللغة هي التي تصنع هوية الشعوب [5] .

وكما أن اللغة تحدد وجود مجتمع ما ، فهي أيضا تحدد إنتاجه الحضاري ؛ وفي هذا الصدد يذهب الفيلسوف الألماني ” هردر” إلى أن اللغة  هي التي تخلق العقل وتؤثر فيه تأثيرا عميقا وتوجهه اتجاها خاصا [6] .

وفي نفس السياق ، أكد الفيلسوف الألماني الجنسية أيضا Ernest Gassire أن (( تحليل لغة ما ، إنما هو تعرف مباشر على خصائص التفكير والمعرفة عند القوم القاطنين بها )) [7] . ولم يبتعد “غرانكيوم ” قيد أنملة عن هذا الاتجاه حين أشار إلى أن ثقافة الفرد في أي مجتمع تمر بالضرورة عبر اللغة [8].

وعلى غرار هؤلاء المفكرين ، ناقش ” جون جوزيف ” العديد من الآراء التي تميل إلى اعتبار اللغة منبعا لإنتاج الهوية ، فانتهى إلى القول أن ظاهرة الهوية يمكن أن تفهم أنها ظاهرة لغوية ، وأنها منجز لساني لغوي ، وبالتالي فهي تلعب دورا فاعلا في تشكيل ما يسمى بالماهية الإنسانية [9] .

والقاعدة نفسها تنسحب على المجتمع العربي ، و لا غرو فقد أجمع الباحثون المتخصصون في أصول القومية العربية أن اللغة تشكل أس الأساس في تكوين الأمة العربية وفي إثارة نوازع الروح القومية فيها . وحتى المنتقدون لجهود توحيد الدول العربية ، عادة ما يبدأون نقدهم بتأثير اللغة في ذلك المسار[10]. ومن هذا المنطلق ، يعتبر كل من يتحدث العربية عربيا مهما كان اسم الدولة التي ينتمي إليها أو الديانة التي يدين بها أو المذهب الذي يعتنقه [11] .

كما تنطبق ذات القاعدة على المغرب العربي الذي تشكل فيه اللغة العربية مكونا أساسيا من مكونات الشخصية المغربية منذ أن اعتنق أهله الإسلام [12] ، فهذه اللغة  تحيل – حسب كلمات “غرانكيوم” – على الإسلام ، وعلى ماض تاريخي وهوية تقع في الماضي ، وعلى مضامين يجب استعادتها على الدوام في نقائها الأصلي [13] . لذلك لم يكن غريبا أن يربط الزعيم التاريخي علال الفاسي بين اللغة العربية وأساس الوجود المغاربي بقوله أنها (( جزء من وجودنا وليست اللغة مجرد ألفاظ ننطقها )) [14] .

نستخلص مما تقدم أن الهوية عميقة الإرتباط بالمسألة اللغوية ، وأن اللغة تحيل على معنى الوجود ، وجود شعب أو أمة أو جماعة ، وأن أي خلل يطرأ على اللغة يؤدي حتما إلى انفصام الشخصية الوطنية و خلق عاهة عميقة في نسيج الهوية . فما هي الوضعية التي توجد فيها حالة اللغة العربية في بلدان المغرب العربي ، وما هي انعكاساتها على الهوية في هذا الجناح الغربي من المجتمع العربي ؟

 ثانيا : اختراقات الفرنكفونية والعولمة لنسيج الهوية واللغة العربية في دول المغارب :

 من الأكيد أن الهوية واللغة العربية في بلدان المغرب العربي تمران بمرحلة عصيبة من التشتت والضياع ، نتيجة عوامل مرتبطة بالسياق التاريخي الاستعماري ، وبقاياه المتمثلة حاليا في المسألة الفرانكفونية ؛ وشبح العولمة الذي أصبح يدك تحصينات الهوية المغاربية ، فضلا عن عامل داخلي يتجلى في ضعف المدّ التعريبيي وتناقضاته ، وهيمنة التيار التغريبي .

1- هيمنة التيار الفرنكفوني واختراقاته للهوية العربية المغاربية :

منذ دخول الإسلام للمغرب العربي ، لم تصب الهوية المغاربية بأي نكسة أو انفصام حقيقيي في شخصية المغاربيين – عربا وأمازيغ – . ولم يسجل التاريخ إلى حدود دخول الاستعمار الفرنسي أي مشكل خاص باللغة العربية التي كانت إلى جانب الأمازيغية – وما تزال – من أهم مكونات هوية المغرب العربي . وحسبنا أن كل الدول ذات العترة العربية أو الأمازيغية التي تعاقبت على حكمه من طرابلس إلى طنجة شجعت اللغة العربية ، وساهمت في نمائها بتشييد الكتاتيب و المدارس والجامعات، واستضافت فطاحل العلماء ونجوم اللغة العربية . ونتيجة لذلك بقيت هذه اللغة مستعملة في الإدارة والوثائق وكافة أصناف المعاملات ، إذ بها كان يتم كتابة السجلات المالية والإدارية والحربية وكل أشكال المراسلات والظهائر السلطانية والمراسيم ، والوثائق العدلية وقرارات التعيينات وقوائم الجند ، ناهيك عن المعاملات الاقتصادية التي كانت تتم أيضا باللغة العربية من حيث كتابة عقود البيع والشراء ، وعمليات الاقتراض والسلف [15] ، بل كان الحرف العربي يكتسي قدسية كبيرة في مخيال المجتمع باعتباره الحرف الذي كتب به القرآن ، وتبحر العديد من فرسان العلماء والفقهاء الأمازيغيين في علوم اللغة العربية بامتياز ، مما يعني  أن الهوية المغاربية لم تعرف أزمة إلى حدود دخول الاستعمار لمنطقة المغرب العربي في بداية القرن 20 . ففي هذه اللحظة بالذات ، بدأت اللغة ومعها الهوية المغاربية تشهد اختراقات واضحة استهدفت تدمير المكونات العربية لبلدان المغارب ، واستبدالها بمكونات جديدة مقحمة ومفروضة . كما استهدفت فصل هذا الجناح من الوطن العربي وانتزاعه من حظيرة المشرق العربي الذي ينتمي إليه حضاريا ، وإلقائه في دهاليز عالم غريب عنه ، لا يمت إليه بأي صلة دينية أو لغوية أو تاريخية أو ثقافية ، مع إضعاف الوازع الديني عنده عن طريق إضعاف لغة أهله ، وخلق إنسان مغاربي مستلب لغويا ، مفكك الشخصية ، تابع سياسيا واقتصاديا وثقافيا للمجالات الحيوية للاستعمار ، حتى يسهل التهامه وإتلاف وجوده بصفة نهائية [16].

ولتحقيق هذا المأرب و سلب الهوية العربية للمغاربيين ، نحت السياسة الاستعمارية الفرنسية منحى يروم استنبات فضاء ثقافي استعماري يروم إدماج دول المغرب العربي فيه ، وهو فضاء الفرنكفونية ، وإن كان تاريخ نشأة هذه المؤسسة الثقافية يعود إلى أواخر القرن 19 حين وضع الجغرافي الفرنسي Onésime Reclus  بصماتها الأولى آنذاك ، متوخيا منها حسب ما كتبه سنة 1889 خلق (( فكرة لسانية وعلاقة جغرافية )) في الظاهر ، بينما أرادها في العمق أداة لإقصاء اللغة العربية والديانة الإسلامية معا [17] ، ووسيلة لتحويل العلاقة الجغرافية المزعومة إلى علاقة تبعية بين المستعمرات الفرنسية و “فرنسا الأم” ، تصير بموجبها المجتمعات التابعة للفرنكفونية أملاكا استعمارية تتغذى منها فرنسا ، وتقدم لها الجزية الثقافية مقابل حيازتها حقا في الاستقلال الوطني [18] ، وهو الهدف السياسي الذي عبّر عنه الرئيس الفرنسي الراحل ” فرانسوا ميتران ” بقوله : (( إن الفرنكفونية ليست هي اللغة الفرنسية فحسب ، إذا لم نتوصل إلى الاقتناع بأن الانتماء إلى العالم الفرنكفوني سياسيا واقتصاديا وثقافيا يمثل إضافة ، فإننا سنكون قد فشلنا في العمل الذي بدأناه منذ سنوات )) [19] ، وهي إشارة إلى الأهداف الاستعمارية التي جعلت من نشر اللغة الفرنسية مطية لاستتباع الهويات المستعمرة للهوية المستعمرة.

لقد شكل تدمير الهوية عن طريق إقصاء اللغة العربية وفرض اللغة الفرنسية مدخلا أساسيا في استراتيجية الاستعمار الفرنسي بالمغرب العربي ، تمثل ذلك أساسا في إصدار ما يعرف بالظهير البربري في 30 ماي 1930 ، وتأسيس المدارس الفرنسية ، وإشاعة فكرة تخلف اللغة العربية وعدم إمكانياتها مواكبة التطورات العالمية . ولم يكن الظهير البربري مبادرة بريئة[20] ، بقدر ما كان يندرج في صميم ضرب الهوية المغربية عن طريق خلق التفرقة بين العرب وإخوانهم الأمازيغيين ، وتضليل هؤلاء بإيهامهم أنهم لا ينتمون للهوية المغربية بحكم أن أجدادهم يرجعون إلى أصول أوروبية ، ولذلك عليهم أن يتعلموا الفرنسية لغة أجدادهم الغاليين Les Gaulois . أما تأسيس المدارس الفرنسية الذي انبثق من هذا المعطى الاستعماري نفسه ، فقد كان الهدف منه تدعيم اللغة الفرنسية ونشرها في أوساط أهالي المغرب العربي ، حيث قفز رقمها في المغرب ما بين سنتي 1923و 1930 إلى 20 مدرسـة و 700 تلميذ في محاولة يائسة لتقزيم اللغة العربية [21]. كما ذهب الاستعمار الفرنسي في استراتيجية ترويجه لفكرة تخلف اللغة العربية ، إلى إعطاء الأهمية للمدارس الفرنسية وجعلها بوابة للحصول على مناصب الشغل العليا ، في حين جعل اللغة العربية في مرتبة متدنية لا تضمن إلا القليل من المناصب في أسفل السلم الاجتماعي [22] .

ومن مظاهر تدمير الهوية في المغرب العربي إبان الحقبة الاستعمارية أيضا  تلقين أبناء الجزائر نفس الكتب التي كانت تلقن في المدارس الفرنسية ، ومحاولة تشويه أصلهم بإرجاعه أيضا إلى (( الأجداد الغاليين )) Les Gaulois  ، وتمجيد انتصار معركة بواتيي Poitier التي اندحر فيها العرب ، وتحجيم اللغة العربية عن طريق سنّ القوانين المهمشة لها ، وحسبنا صدور نصّ مرسوم 8 مارس عن وزارة الداخلية الفرنسية الذي يجعل اللغة العربية لغة أجنبية! [23]. وتبعا لذلك ، اعتبرت فرنسا الجزائر جزءا من كيانها ، بل لم تتورع لحد الآن عن اعتبار المغرب العربي برمته ملفا فرنسيا ونموذجا لنجاح مشروعها الفرنكفوني ، ولذلك لم تتقاعس عن سنّ سياسة التجنيس في الجزائر وتونس معا .

لم تكتف فرنسا الاستعمارية بالبعد الاقتصادي عن طريق تأمين سوق للسلع الرأسمالية ونهب الثروة واستعمال العمالة الرخيصة بالمغرب العربي ، بل سعت إلى تأمين البعد الثقافي أيضا عن طريق إنجاز جراحة ثقافية ولغوية تروم استتباع المستعمر للمستعمر ، وإجباره على الاقتداء به والتماهي معه ، حتى يفقد القدرة على وعي ذاته إلا في علاقته الانجذابية نحوه [24] . وكانت اللغة العربية باعتبارها ركنا أساسيا في الهوية المغاربية من أكبر الأهداف والمرامي التي استهدفتها فرنسا، خاصة أن فشلها في الجانب العسكري ، جعل من غزوها اللغوي بواسطة الفضاء الفرنكفوني مدخلا للسيطرة على الضمائر ونسفا للهوية . لذلك جندت مراكزها ومعاهدها الثقافية من أساتذة وخبراء وجمعويين في الشارع والشركات والإدارة والبيت و المدرسة ، ودعمت وسائل الإعلام التابعة لسلطتها لتحقيق هذا الهدف ، وأصبحت تحشر أنفها وتتدخل بشكل سافر في المنظومة التعليمية لبلدان المغرب العربي .

لقد أدرك دهاقنة الاستعمار الفرنسي أن سيطرتهم العسكرية ستنتهي مع الزمن ، لذلك وظفوا كل جهودهم للاستيلاء على العقل واللسان والوجدان ، وتفننوا في خلق ” مريدين ” يعملون لصالحهم ، ويكرسون ما عجزت عنه فرنسا نفسها من ديمومة الاستتباع الثقافي والحضاري ، فخلقوا ما يسمى “حزب فرنسا ”  الذي يضم النخبة المغاربية المتفرنسة ، وهي النخبة التي استطاعت أن تمركز نفسها في مواقع القرار ، وتكوّن لها قوة ضاغطة في اختياراتها الفكرية ، فأفلحت في ترك بصماتها على السياسة اللغوية والترويج للفرانكفونية [25] .

لقد حقق الغزو اللغوي الفرنسي الذي جعلته الفرانكفونية مدخلا استراتيجيا للاستتباع الثقافي ما لم يحققه الغزو العسكري ، وتلك هي القناعة التي راودت الرئيس الفرنسي ” شارل ديغول ” الذي تحدث في إحدى تصريحاته بلغة اليقين قائلا : (( وهل يعني ذلك أننا إذا تركناهم يحكمون أنفسهم يترتب علينا التخلي عنهم ؟ بالتأكيد لا ، فهم يتكلمون لغتنا ويتقاسمون معنا ثقافتها ، فدول المغرب العربي ستبقى فرنسية ، وهذه هي استراتيجيتي )) [26]. إنها كلمات تنطق بمنطق القوة و الغلبة ، وتؤكد صحة ما استنتجه ابن خلدون منذ القرن 8هـ/ 14م من أن (( لغات أهل الأمصار إنما تكون بلسان الأمة أو الجيل الغالبين عليها )) [27] .

ولحد الآن لا تزال فكرة ارتباط المغرب العربي بالهوية الفرنسية تخيم على تفكير الساسة الفرنسيين. فوزير الخارجية الفرنسي ” فيليب دوست بلازي ” يعتبر المغرب العربي جزءا من الهوية الفرنسية ، ويطالب باندماج مغاربيي فرنسا مع وطنهم الجديد ( فرنسا ) . وقد سبق أن أوضح في إحدى المناسبات إبان حديثه عن الشراكة مع اتحاد المغرب العربي أن الاتحاد هو جزء من الهوية الفرنسية باعتباره مصدرا غنيا لمشروع فرنسا الاجتماعي. كما تشكلت في عهد الرئيس الحالي “سركوزي ” وزارة الهجرة والهوية ، وهي التسمية التي كانت الوزيرة السابقة ” سيمون فيل ” تفضل تسميتها بوزارة الهجرة والاندماج التي هي صيغة متطرفة في التعبير عن ذوبان هوية المغاربيين المقيمين في فرنسا.

تأسيسا على ما سبق ، يمكن القول أن الفرنكفونية تجسد إيديولوجية مقنعة عوّلت عليها فرنسا لإعادة ربطها بمستعمراتها السابقة عن طريق نشر اللغة الفرنسية فيها ، وإعادة أمجادها الاستعمارية بالمغرب العربي تحت غطاء التعاون الثقافي ، بينما يكمن هدفها الحقيقي في اختراق الهوية المغاربية عن طريق تقزيم اللغة العربية وإحلال الفرنسية محلها ؛ لذلك لا غرابة أن نجدها تخصص ميزانية ضخمة لإنجاح مشروعها الثقافي ، وتعقد مؤتمرات رسمية متعددة ، وتخصص منحا وإعانات مالية مهمة للباحثين في المغرب العربي ، مع إغراءات في نيل الجوائز التي لها صلة بالثقافة الفرنسية ، ناهيك عمّا يسمى بالتعاون الثنائي بين فرنسا وكل بلد مغاربي على حدة ، كجزء من خطة التدخل المتستر لرسم السياسة اللغوية في بلدان المغرب العربي .


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق