المقالات

التعليم الحضوري والتعلم عن بعد: سخرية مفضوحة ( هشام لعشوش)


لطالما نادت أصوات الغيورين الدولة بإشراك حقيقي للمواطن في تدبير الشؤون العامة للبلاد وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، وكان الرفض والتعنت والتمويه… عناوين وسمت استجابة الدولة لهذه المطالب، ويوم احتاجت الأسر -في غمرة التخبط وتضارب الأخبار وعدم وضوح الرؤية- إلى من ينوب عنها في اتخاذ قرار قد تكون تداعياته خطيرة، بشرتهم الحكومة – ممثلة في وزارة التعليم- بإلقاء مسؤولية الحسم في أيديهم.
والحقيقة أن إحالة ملف الاختيار بين التعليم الحضوري والتعلم عن بعد للأسر وللمؤسسات التعليمية، وتحديدا مؤسسات القطاع الخاص، ينطوي على كثير من العبث وعدم تحمل المسؤولية، ذلك أن الأولى تفتقر إلى المعطيات العلمية الدقيقة التي قد تحول دون إتخاذ قرار مناسب، والثانية في الغالب لن تقْدم على اتخاذ قرارات ضد مصالحها المادية..
هي إذن قضية تملص من مواجهة الوضع بكل شجاعة وتجرد وفق ما تقتضيه وتتطلبه هذه المرحلة، وخوف من تبعات الإخفاق أو مجاملة قطاع بعينه.
عندما تكون حياة الناس على المحك ومصير الوطن في مرحلة فارقة خطيرة، لا بد من استدعاء صفوة الخبراء وأهل التخصصات الطبية الوبائية، والإفادة من مقترحاتهم وتوجيهاتهم وكذا قراءة فاحصة تستشرف وتختبر كل الاحتمالات الممكنة ومآلاتها المتوقعة، وليس ضرب أخماس في أسداس.
إن إحالة هذا الملف الخطير في هذه الفترة النشطة من حياة فيروس كورونا على الأسر المغربية هو إحالة على رغبات متباينة وآراء متعددة، قد لا تأخذ الأمن الصحي والسلامة العامة للمواطنين بعين الاعتبار.
ثم مادام الاختيار أصبح سياسة حكومة في قضية مصيرية كهذه، وبهذه البساطة بدون تعقيدات ولا بيرقراطية -بعدما كان وما يزال في قطاعات أخرى ضربا من المحال بمبرر عدم كفاءة المواطن البسيط في تقدير الأولويات الاستراتيجية للدولة!!! – فلماذا لا يخيّر المواطن فيما يجب أن تصرف فيه مقدرات السمك والذهب والفوسفاط وغيرها، وهل أخذتم رأيه فيما سطرتموه من سياسات عامة داخلية وخارجية، أم هل كان الاختيار وسيلة في اتخاذ القرارات التعليمية الكبرى، ولم لم تسمعوا رأيه في قضايا بعينها؛ كموازين، وفتح المساجد، وأنظمة التقاعد والتعاقد، وقضية تحرير الأسعار، وتعويم الدرهم ومعتقلي الرأي وغيرها….؟
وهل قمتم قبل ذلك كله بمجرد استشارة لتلاميذ السنة أولى باكالوريا في تأجيل امتحانهم الجهوي، والذي كان من الممكن إجراؤه بعد الامتحان الوطني، وتجنيب آلاف التلاميذ هذا الإرهاق والضغط النفسي لشهور عدة.
نحن لسنا ديموقراطيين، ولكن نمثل في مسرحية ديموقراطية تنكرية سمجة بوجه مكشوف.
الخلاصة أنه إذا طلب منك الاختيار فاعلم أنك بين أمرين أحلاهما مر،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق