حضارة تنهار وحضارة تولد من جديد(مبارك الموساوي)
شعب يضحي زمن الحرب، وشعب يطالب بالتعويضات عن خسائره، هذا مؤشر بالغ الأهمية. دولة عمرها حوالي قرنين ونصف مع طفلها المدلل، الذي عمره حوالي أربعة عقود، تسرق حضارة عريقة وتحول وجودها إلى ترجمة كاشفة لجوهرها: العنف الشامل على الإنسان.
هذه الحروب القائمة ليست مجرد تضارب مصالح، وإنما مرحلة جديدة في تاريخ الإنسانية من تدافع القيم، لذلك لم يعد الانتصار هو قهر الخصم، وإنما هو بروز حقيقة القيم التي تحتضن هذا الطرف او ذاك، ثم مدى تفاعل الناس سلبا او إيجابا مع نموذج الإنسان الذي يقود تكتيكات المواجهة الواقعة.
لذلك، ليس النصر أو الهزيمة ما بني على نهاية العملية العسكرية، وإنما عن القيم التي عانقها الناس بعد وطبعت حياتهم اليومية.خلال حرب غزة تحدث الإعلام قليلا عن سؤال الإنسان الغربي على نموذج الانسان الغزاوي الذي حير عقل الغربي بحجم صموده وطريقة تضحياته ونوع خطابه.
أما مع حرب إيران سيكتشف العالم، كذلك، نموذج إنسان لا يختلف كثيرا عن الإنسان الغزاوي، وإنما يتشابه معه في سيرة التضحية في الوقت الذي بحث انسان الخصم عن المال وعن التعويضات المباشرة.
الإنسانية على لحظة من الزمن سيبرز فيها من جديد انموذج حضاري إنساني مختلف تماما عما اختزل في الوعي الجمعي لدى الحصارة الغربية.
هذا النموذج هو أساس الفاعلية في التاريخ لانتقال الإنسانية من حرب الدمار، الذي تقوده دولة عمرها مجرد حوالي قرن ونصف مع ولد مدلل عمره لم يتجاوز حوالي أربعة عقود، إلى واقع يعيش فيه الإنسان انسانيته وان تدافعت واختلفت مصالحه وطموحاته.
سيندم الغرب يوما لما يؤلمه عمليا سرقة حضارته من لقطاء تاريخ العالم.وحينما نوسع مفهوم المقاومة إلى هذا المستوى من التدافع، سنكتشف ان الاستكبار حالة من العلو والاستعلاء لا يقبل العيش إلا والكل راكع ذليل.هذا الزمن على لحظات بدايات نهايته، ولاشك ان التاريخ سيخلد النموذج الإنساني الذي انهاه.