المقالات

ثــــــــقافة اللاعــــــــنف…عبد العزيز تكني

بسم الله الرحمان الرحيم

في إطار فعاليات برنامج سفراء المكارم 2022، “دورة ريان”، التي ينظمها المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري، والتي تقام ما بين 11مارس الى 03 أبريل 2022، عبر تقنيات التناظر المرئي، والتي ينسق أشغالها وبرنامجها العام، الباحث في فلسفة الاخلاق، الأستاذ لخضر حمادي. تقدم فضيلة أ.د موسى ماطو بإلقاء محاضرة متميزة موضوعا ومضمونا يوم الجمعة 25مارس 2022. اختار لها عنوان: “ثقافة اللاعنف”، وقد سير أشغالها تفاعلا وترجمة فورية متميزة، فضيلة الدكتور حسين الورياشي الغريب، عضو مؤسس لتجمع اللاعنف بإسبانيا.

بدأ فضيلة الدكتور موسى ماطو مداخلته بالشكر لكل من ساهم في إعداد هذه الدورة، الجمعيات والمنظمات، وفي مقدمتهم الأستاذ حمادي لخضر وفريقه في العمل، كما شكر مسير المحاضرة ومترجمها، فضيلة الدكتور حسين الورياشي الغريب. موضحا أن مقصده هو مشاركة الحاضرين تجربته الممتدة حوالي خمسة عشر سنة من العمل الدؤوب، وتأملاته، ويتقاسمها معهم. من خلال تأسيس تجمع اللاعنف بإسبانيا، ومركز المصالحة. وهي مبادرات تبتغي تحقيق قيم السلم والتراحم سلوكا عمليا في الواقع. مشيرا إلى إصدار المركز أول أعماله، تمثلت في ترجمة كتاب الدكتور أحمد الفراك “ثقافة اللاعنف في الإسلام” إلى اللغة الاسبانية. بالإضافة إلى إصدار كتب ومؤلفات أخرى حول التربية على قيم اللاعنف، نأمل أن تتم ترجمتها إلى اللغة العربية، ليتعرف عليها الجمهور العربي.

ويضيف الفنان والكاتب موسى ماطو أنه يسعى إلى مد جسور الحوار والتواصل مع كل الطوائف الدينية والحركات الاجتماعية بالمجتمع الغربي حول نشر ثقافة اللاعنف، والعمل على ترسيخها في  ظل تحديات ومتغيرات القرن الواحد والعشرين، معتزا  بغربيته وانتمائه، ومصرحا بتبنيه لنظرية التغيير وبالمنهج الذي يتبناه غاندي الهندي، اللاعنف. وهي تجربة في- اعتقاده – كسرت منطق العنف الذي كان ولايزال يسود المجتمع الغربي بشكل خاص، والمجتمعات في العالم بوجه عام. وفي هذا السياق حاول الأستاذ ماطو التذكير بتجارب عديدة بخصوص التغيير باللاعنف التي شهدها القرن العشرين، وما أبانت عليه من نجاح كبير؛ تجربة غاندي في الهند، وعبد الغفار خان في الهند المسلمة (باكستان، وافغانستان)، ونلسون مانديلا في جنوب افريقيا، بولونيا مع النقابة التضامنية، بالإضافة إلى تجارب في كل من الشيلي والبرازيل الفلبين وإيطاليا والمجر… وإلى غير ذلك من أماكن كثيرة في العالم، تمت تجربة أعمال التغيير اللاعنفي، قد لا يعرفه الكثيرون. لكنها حققت تغييرا حقيقيا وجوهريا بطريقة غير عنيفة. كل هذه التجارب أبانت أو تحدت الظلم والاستبداد والقوانين الظالمة بل والحروب والديكتاتوريات، واجهت كل ذلك باستراتيجيات رفقية، لا عنفية، عبر المقاطعة والصيام الجماعي العام، العصيان المدني الشامل المنظم..، كثير من الطرق التي فيها إبداع، تكسر منطق الظالم، والمستبد وتمنعه من الظلم وتغير المعادلة. فمنطق اللاعنف إذن حسب ماطو يمنع من الانتقام وأن تُسال الدماء، وهذا يوافق فلسفة الرفق في الثقافة الإسلامية.

إن الوضع المعاصر حسب تعبير ماطو وضع مخيف لما يشهده العالم من التسابق نحو التسلح، والاعداد لحروب بيولوجية بيئية، ويتساءل مع الحاضرين؛ لماذا يحدث هذا؟ كيف نفسر أن البيئة تهدد استقرار الانسان فوق الأرض بقائه؟ كيف يمكننا أن نفسر الدول التي وافقت على الإعلان العالمي لحقوق الانسان، لا تضمن ولا أدنى حقوق الانسان على أرضها، فكيف تضمنه على أرض غيرها، فهي أول من يعمل على خرقه دون مراعاة او احترام للإنسانية الاخلاقية؟

ويرى موسى ماطو مسترسلا؛ أن وسائل الاعلام لها تأثير كبير في تبرير الحروب، والعنف الذي يمارس تجاه المواطنين لأغراض سياسية، ناهيك عن الهجرة والاستعباد والاستغلال الجنسي وللأخلاقي للبشر. أما هذا الوضع المتأزم تكون الحاجة ماسة إلى ان تتخذ الاديان والحركات الاجتماعية تدابير لمناهضة مشكلة العنف، ونشر ثقافة السلم والتراحم والامن بين المؤمنين في جميع الديانات، والمواطنين على وجه العموم، والتربية على ثقافة اللاعنف بين المواطنين والطوائف، فإذا لم تنجح في ذلك، فلن تنجح كل الاستراتيجيات التي يتم التخطيط لها، ومن نحتاج للتربية على اللاعنف من البداية قبل العمل، لمنع الأسباب التي تؤدي الى لانتشار العنف بكل أشكاله.

إن فلسفة اللاعنف حسب اعتقاد ماطو ترمي إلى اقحام الحب او المحبة في السياسة بمعنها الشامل وليس بمعناها الحزبي والايديولوجي الضيق، وبالتالي يجب أن تكون المحبة المحرك للعمل خدمة الناس وخدمة المجتمعات. وختم مداخلته مؤكدا على أن تبني اللاعنف في التغيير يلهمنا عمق النظرة للواقع، وبالتالي حتى نكون على وعي بأن اللاعنف مهم جدا، وجب توفر خمسة شروط قبلية لنجاح ترسيخ ثقافة اللاعنف؛ ثقافة الرفق والتراحم:

 أولا: المركزية للإنسان.

ثانيا: أولوية وأسبقية للجماعة على الفرد.

ثالثا: أخذ بعين الاعتبار وبشكل أساسي نظرة المستضعفين وللواقع الذي يُراد تغييره.

رابعا: أهمية الاخلاق في المبادرات التي يجب اتخاذها في مناهضة تامة للميكيافيلية..

خامسا: أهمية جميع الأشخاص للإسهام في تبني ثقافة اللاعنف بمختلف أجناسهم وأديانهم أعراقهم..

بعد ذلك تم فتح باب المناقشة من قبل منشط ومترجم المحاضرة، وطرح الأسئلة، وتبادل الآراء للمشاركين والمشاركات من مختلف دول العالم، ضمن فعاليات برنامج سفراء المكارم 2022، “دورة ريان”، التي ينظمها المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري، حول مختلف القضايا والاشكالات التي تناولها فضيلة الفنان المسرحي ماطو في محاضرته القيمية “ثقافة اللاعنف”.

وفي الختام أعاد مسير المحاضرة ومترجمها المتميز حسين الورياشي الغريب الكلمة للمنسق العام لدورة سفراء مكارم الباحث في فلسفة الاخلاق، الأستاذ لخضر حمادي، والذي بدوره نوه وشكر المشاركين على التزامهم، وتقدم بالشكر الخاص لميسر المحاضرة، وللمحاضر أ.د موسى ماطو على تلبية وقبول دعوة المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري، مذكرا بالبرنامج القادم وبفعالياته.

                   

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق