المقالات

المقاومة وجيش الحَفّاظات:( عبد العلي الودغيري)

لا شك أن كثيرا من القراء، قد تابعوا خبر جماعة من اليهود المتدينين (الحريديم) الذين نظموا مظاهرة في إسرائيل للتعبير عن رفض تجنيدهم في الحرب على غزة قائلين: نحن دورنا أن نَدرُس التوراة لا أن نشارك في الحرب، وشاهدوا صورة واحدٍ منهم وهو يصرخ بانفعال شديد ويقول : «أطلقوا عليَّ النار ولا تأخذوني إلى الحرب». ولا شك أن رفض هؤلاء القاطع تجنيدَهم في حرب غزة ليس ناتجًا عن موقف إنساني رافض لهذه الحرب ومُستنكِر لفظائع ما تمارسه عساكر الصهيونية من أعمال أقل ما يقال فيها أنها وحشية، كموقف ذلك الجندي الأمريكي الذي عبَّر عن احتجاجه القوي بإحراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية، وإنما هو مجرد تعبير عن الهلع الشديد الذي ينتاب كل إسرائيلي يُدعى للتجنيد العسكري ضد المقاومين الأبطال. ألم تكشف مصادر طبية إسرائيلية عن وجود أكثر من ثلاثة آلاف جندي يعانون من « صَدَمات نفسية صعبة وكوابيس مزعِجة من هول مشاهد الحرب»، وأن هناك فِرقًا من الأطباء والممرضين معبَّئين للتعامل مع « الميول الانتحارية للجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية«؟ ألم تقم القيادات العسكرية الإٍسرائيلية بإلزام جنودها باستعمال الحفّاظات حتى لا يتعرَّضوا للقتل إذا توقفوا هنيهةً لقضاء الحاجة؟
لقد أكَّدت حرب غزة أن الجيش الصهيوني هو جيش الحفّاظات، وهو أضعف الجيوش وأكثرها هشاشة وخوفًا، وهو الجيش الذي يموت أفرادُه ذُعرًا قبل أن يدخلوا الحرب، فإذا أُجبِروا على دخولها أخذَاهم الرِّعْدَةُ فاصطَّكَّت رُكَبُهم وتزاحموا على المصحات النفسية، ومن لم يمت بالرصاص مات بالهلَع. ومن حقهم أن يخافوا ويرتعدوا فهم ضُعفاء بكونهم مغتصِبِين وسُرَّاقَ حقٍّ، والسارق دائمًا خائفٌ مُرتاع، أما المقاومون فهم أصحابُ أرضٍ وحقٍّ وعزم وصُمود، لذلك هم أقوياء نفسيًّا وعقَديًّا. هل سمعتم بأن أحدًا منهم عُرِض على طبيب نفسي، أو أصابته كوابيسُ رغم هول المشهد وحجم الدمار، وفقدان الأهل، كل الأهل أحيانًا، وطَعنات الغدر، وشَماتة الاًصدقاء، ورغم الجوع ونُدرة الماء والدواء؟
هذا ما فعلته فئة قليلة من المقاومين الصادقين ب «الجيش الذي لا يُقهَر»، فما بالك لو اندلعت المقاومة في كل شبر من أرض فلسطين اندلاعَها في غزة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق