المقالات

سلطة أولى لا رابعة(سعد الكبيسي)

حين تشاهد في وسائل التواصل الاجتماعي مائة فديو مثلا عن “الزواج” سواء كان الفديو جادا او هزليا فإنك تجد تسعة وتسعين منها تتحدث عن عبء الزواج ونكد الزوجات وفرح العازبين والعازبات والمطلقين والمطلقات بنيل حرية الانطلاق في الحياة دون قيود الزواج وحديث المشاهير عن الخيانات الزوجية وإذا كان هناك زواج يحصل فلا بد عندها من حفلات اسطورية وسيارات مليونية وبدلات عرس خرافية وإلا فلا طعم لهذا الزواج.

إن هذا كله قد احدث الآتي:
_ عزوف الشباب عن الزواج خوفا من بعبع الزواج او طمعا في زواج مميز يحكي به الناس في كل مكان.
_ تعميق المظاهر في الزواج حتى اصبح معيار الزوج لصلاحية زوجته له هو في ثناء الناس على جمالها وخفة روحها وحلاوة رقصتها في عرسها، ومعيار صلاحية الزوج لها هو بما يقدمه لها من أشياء مادية حتى انها تهتم لثمن فستان عرسها اكثر من اهتمامها بأخلاق زوجها.
_ بناء صورة غير حقيقية عن الزواج والبيت والاسرة التي قال الله انها سكن ومودة ورحمة ليكون بدلها النكد والخوف والخيانة والورطة التاريخية.
وغض النظر المقصود عن البيوت المستقرة الآمنة والتجارب الناجحة.
_ تجميل صورة الطلاق وافتعال الفرح فيه مع انه شرعا وعقلا وعرفا شيء مذموم إلا حين تصل الأمور إلى طريق مسدود.
_ جعل تجارب الفاشلين وتصريحاتهم في حياتهم الزوجية من المشاهير نموذجا ومسطرة للزواج ومثالا يحتذى من المتابعين.
_ جعل المسؤوليات الزوجية والاولاد قيدا يحول دون الانطلاق والتمتع بالحياة ليكون الوقوع في الفاحشة اقل اثرا ووطأة من هذه المسؤوليات.
_ دفع المشاهير للتصريح بخياناتهم في برامج الاثارة وانه لا يوجد رجل لا يخون لتتشكك كل امراة في زوجها والعكس.
_ تسمية الفاحشة خيانة من باب نقض العهد وعدم الوفاء به مع الشريك لا من باب انها فاحشة ومعصية تغضب الله والمهم ان تسامحه هي لا ان يتوب ليسامحه الله!!!
_ تشجيع الزوج تلميحا او تصريحا على الطلاق لإراحة باله وإمكانية استبدال زوجة بأخرى لأتفه الاسباب وتشجيع الزوجة على طلب الطلاق حفظا لكرامتها التي لا ينبغي ان تنتهك ولو بنظرة عين حادة لمجرد حصول بعض المشكلات الصغيرة.
_ تحويل السوء من دائرة العزوبية والعنوسة والطلاق وفعل الفواحش والعلاقات المحرمة والوقوع في الخطيئة إلى دائرة الزواج وأن السوء قد يكون فيه وان الزواج كثيرا ما يكون هو الخطيئة ذاتها!!!
_ اختصار هدف الزواج بالجنس او بالكفاية المالية أو بعاطفة الأبوة والأمومة او بالخدمة الزوجية او بالمطلب الاجتماعي او بالحاجة العاطفية والرومانسية وتوصيل رسالة أنك قادر على الاستغناء عن الزواج إن حصلت على هذه الامور من غير طريقه.

خلاصة الرسالة التي يراد إيصالها:
العصر تغير والزواج ليس ضرورة ولا حاجة للرجل والمرأة ويمكنهما الاستغناء عنه بكل سهولة فالبدائل متاحة!!!

امام التعليم والإعلام النظيف والدعاة والمربين والآباء والأمهات مسؤولية كبيرة في متابعة هذه الانهيارات التي قد نرى اولها الآن ولم نر آخرها بعد.
لم يعد الاعلام هو السلطة الرابعة فحسب بل اصبح المشكل والمتحكم العقلي والنفسي الأول في العقول والقلوب باختراها طولا وعرضا ليكون السلطة الاولى بامتياز وبدون منازع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق